الاتفاقية السورية -الإيرانية تؤمن سوقاً لم يستثمره المصدرون السوريون من قبل
أكثر من 20 اتفاقية اقتصادية سابقة بين البلدين أنتجت 50 مشروعاً إيرانياً في سورية
حمود المحمود
دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين سورية وإيران حيز التنفيذ الشهر
الفائت، ويعلق الخبراء والمختصون على هذه الاتفاقية الكثير بعدما أثبتت
دراسة قامت بها هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية والمركز السوري للبحوث
التنموية أن إيران تعد واحداً من 32 سوقاً غير مستغلة من قبل المصدرين
السوريين.
معاونة وزير الاقتصاد والتجارة مها رسلان قالت: اتفاقية التجارة
الحرة السورية - الإيرانية على أهميتها لا تكفي، وهي بحاجة لمتابعتها
ببرامج التحسين المستمر لجودة المنتجات السورية لتلبي مختلف الأذواق في
السوق المستهدفة، والتسويق والترويج والتعريف بالمنتجات السورية في السوق
الإيرانية، ومنها تنظيم أكبر معرض للمنتجات السورية في طهران من 28/نيسان
ولغاية 2/أيار.
وأضافت: إنّ اتفاقية التجارة الحرة السورية- الإيرانية وإن كانت مهمة لكلا
الطرفين لكنها أكثر أهمية للجانب السوري، كون مستورداتنا من إيران عالية
وتتزايد باستمرار، أما صادراتنا فلم تبلغ الحد الأدنى المقبول، إذ تشير
الإحصاءات إلى أننا نستورد من إيران حوالي 20 ضعف ما نصدره لها (استوردنا
بقيمة 14.5 مليار ليرة سورية في عام 2010، وصدّرنا بحوالي 700 مليون ليرة
فقط)، مع أن مؤشر التوافق التجاري بين البلدين يبلغ 0.99 ما يعني أن معظم
المواد التي تنتجها سورية وتصدرها هي مواد تدخل في قائمة المستوردات
الإيرانية، لكن إيران تستوردها من دول أخرى.
أرقام التبادل السابقةإيهاب اسمندر- مدير صندوق دعم الصادرات قال: تؤثر الاتفاقية في خلق فرص
جديدة للتجارة, فالإنقاص أو الإزالة المتبادلان للتعريفة الجمركية بين
الدول الأعضاء سوف يشجع زيادة التدفقات التجارية للسلع التي كان يتم
التبادل بها تحت الظروف الحمائية وتحسين فرص التبادل لمجموعة جديدة من
السلع، ويعد هذا الأثر من الآثار الإيجابية لاتفاقيات تحرير التجارة
الإقليمية، لسببين: لأن كفاءة الإنتاج تتحسن عندما تقوم الدول الأعضاء
باستيراد السلع من شريك ذي كلفة إنتاج منخفضة, ولأن كفاءة الاستهلاك تتحسن
أيضاً عندما يستطيع المستهلكون في الدول الأعضاء شراء السلع المستودة
بأسعار منخفضة مقارنة مع أسعار أعلى للإنتاج المحلي من هذه السلع.
وأضاف: الصادرات السورية إلى إيران بلغت ذروتها عام 2008، حيث قاربت 2
مليار ليرة وأصبحت 5 أضعاف ما كانت عليه في عام 2005. وتراجعت عام 2009 إلى
نصف ما كانت عليه في عام 2006 تقريباً، ثم عادت لتنمو في عام 2010 لكنها
ظلت أقل مما كانت عليه في عام 2006.
وقال: تسجل المستوردات السورية من إيران تفوقاً على الصادرات إليها وبلغت
أعلى قيمها في عام 2010 حيث أصبحت 5 أضعاف ما كانت عليه في عام 2008. حيث
تنمو التجارة الكلية بين البلدين لكن لمصلحة إيران وهو يؤشر لتحد أكبر في
مرحلة ما بعد تحرير التجارة بين البلدين.
وعد اسمندر أنّه يجب العمل في المستقبل على زيادة التجارة بين البلدين
بالاستفادة من المزايا التي تتيحها الاتفاقية مع ضمان المزيد من حصة سورية
في التبادل بينهما.
وبحسب اسمندر فإنّه رغم اعتبار إيران وجهة للصادرات السورية، لم تزد عن 0.3
% في عام 2007 وتراجعت في العامين الأخيرين إلى 0.1%. كما أن ترتيبها يقع
في مرحلة متأخرة بالنسبة للدول التي تصدر إليها سورية، وهذا يعني أن إيران
تعد سوقاً غير مكتشف بعد للمصدرين السوريين.
كما لا يمكن اعتبار حصة إيران من المستوردات السورية كبيرة، قياساً بالقدرة
الإنتاجية لها. والملاحظ ان هناك تطوراً إيجابياً في حصة إيران من
المستوردات السورية (من 0.6% عام 2005 إلى 1.7% في عام 2010.
وترافق التحسن في حصة إيران من المستوردات السورية بتحسن في ترتيبها بين
الدول التي تستورد منها سورية (من 28 في عام 2005 وتراجع إلى 36 في عام
2008 ثم ليقفز إلى 21 في عام 2010).
من جهة أخرى لم تشكل سورية أهمية كبيرة في السوق الإيرانية (0.1% في عام
2010). حيث تستحوذ الإمارات العربية على الحصة الأكبر بفارق كبير عن أقرب
منافسيها، وتتقارب بعد ذلك الصين وألمانيا.
خلافاً للتصريحات..!ويقع ترتيب سورية في المركز 61 من حيث الدول التي تستورد منها إيران وهذا
مؤشر على ضعف العلاقة التجارية بين البلدين وعدم تلاؤمها مع التصريحات
المعلنة من الحكومتين حول أهمية تعزيز التبادل التجاري بين سورية وإيران.
ومن الواضح -بحسب البيانات- أن حصة الأغذية والحيوانات الحية تراجعت من 3.6% عام 2008 إلى 2.5% عام 2010.
وهناك تراجع كبير لحصة الزيوت والشحوم الحيوانية من حوالي 57% في عام 2007
إلى حوالي 36% في عامي 2009 و2010، لكنها ظلت أهم مكون في الصادرات السورية
إلى إيران، و بعد أن تراجعت من 10% في عام 2005 إلى 6% في عام 2007 تزايدت
حصة البضائع المصنعة إلى 17 و18% في عامي 2009 و2010 على التوالي.
وهناك تذبذب في حصة الآلات ومعدات النقل من 8% في عام 2005 إلى 0.4% في عام 2007 ثم إلى 10% في عام 2009 لتتراجع إلى 7% في عام 2010.
كذلك للمصنوعات المنوعة حصة من الصادرات السورية إلى إيران ترتفع من 8% في
عام 2005 إلى حوالي 13% في عام 2009 ثم لتتراجع إلى 11% في عام 2010.
وتشكل الآلات ومعدات النقل أهم المستوردات السورية من إيران إذ وصلت إلى
حوالي 70% في عامي 2009 و2010. وللبضائع المصنعة حصة مهمة وبعد تراجعها من
14% في عام 2005 إلى 5% في عام 2007 عادت لتقارب 14% في عام 2010. وهناك
تراجع في حصة المواد الكيماوية من 19% في عام 2005 إلى 1.4% في عام 2010.
إلى ذلك قفزت حصة الأغذية والحيوانات الحية من حدود 5% في الأعوام الثلاثة
الأولى من السلسلة إلى أكثر من 20% في عام 2009 لتتراجع إلى 13% في عام
2010.
ومن الحصص اللافتة (حصة الوقود المعدني) الذي ارتفع إلى 26% في عام 2007 وتراجع إلى أقل من 1% في عامي 2009 و2010.
وقال: منذ العام 2008 هناك تراجع كبير في شروط التبادل التجاري لغير مصلحة
سورية ما يدل على أن نوعية المواد التي تصدرها إيران إلى سورية أعلى من
نوعية المواد التي تصدرها سورية إلى إيران، والتراجع الأكبر كان في عامي
2009 و2010.
الخلل في التبادل -بحسب اسمندر- هو في الجانب الكمي والنوعي على حد سواء،
مع الإشارة إلى أن قيمة طن الصادرات شهدت أدنى قيمها في عام 2009 وأعلى
قيمها في عام 2010، أما طن المستوردات فهو مستقر في زيادته وكان في أدنى
قيمه خلال العام 2005 ليرتفع في الأعوام التالية بشكل مستمر ويصل إلى أعلى
قيمة له في عام 2010.
من الاتفاقيةوبينت دراسة حديثة لهيئة تنمية وترويج الصادرات أنّه نتيجة التطوير في
البيئة التشريعية والتنظيمية وصدور ما يقارب 1000 قانون وقرار لتحسين بيئة
الأعمال والاقتصاد في سورية، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية
أكثر من 9 مرات بين عامي 2002و 2009، ويوجد 50 مشروعاً إيرانياً في مجالات
مختلفة، منها:
- مشروع شركة إحداث صنعت الإيرانية والمؤسسة العامة للإسمنت في سورية لإقامة معمل إسمنت حماة.
- عقود شركة بارسيان الإيرانية المبرمة مع المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية في سورية.
- مشروع شركة شيش كاوه الإيرانية للزجاج لإقامة معمل لإنتاج الزجاج في سورية.
- مشروع شركة سيامكو وشركة سيفكو لإنتاج السيارات في سورية.
وبينت الدراسة أنّ الجانبين السوري والإيراني قاما بعقد أكثر من20 اتفاقية
في جميع المجالات، منها: اتفاق طويل الأجل حول التعاون الاقتصادي والتجاري
الموقع بتاريخ 24/9/1999, واتفاقية حول عمل شركات المقاولات والإنشاء
السورية والإيرانية في البلد الآخر الموقعة بتاريخ 24/9/1999, واتفاق تجاري
طويل الأجل الموقع بين البلدين بتاريخ 20/8/1996مصدق بالمرسوم رقم 241
تاريخ 10/11/1997وقد دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ بتاريخ 10/4/2002 والذي
حل محله اتفاقية التجارة التفضيلية الموقع بين البلدين عام 2006 والنافذ
اعتباراً من 1/3/ 2009, واتفاقية حول التشجيع والحماية المتبادلة
للاستثمارات الموقعة بين البلدين بتاريخ 5/2/1998والتي تم وضعها موضع
التنفيذ بتاريخ 16/11/2005 وهو تاريخ مذكرة السفارة الإيرانية التي تم
بموجبها إبلاغنا رسمياً بإنهاء الجانب الإيراني إجراءات المصادقة على هذه
الاتفاقية لديه, واتفاقية منطقة التجارة الحرة السورية- الإيرانية 2012.
كما تم تصديق الاتفاقية من قبل الجانب السوري بموجب المرسوم التشريعي رقم
/87/ تاريخ 17 تموز 2011. ثم صدق الجانب الإيراني عليها في شباط 2012, وقد
دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ الفعلي في 21/ آذار /2012. بعد ثلاثين يوماً من
التبليغ الرسمي بالتصديق.
وبحسب الدراسة تتضمن الاتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة خلال خمس سنوات، تهدف
إلى: التخلص من الصعوبات والقيود على تجارة السلع, وزيادة حجم التجارة في
السلع بين الطرفين المتعاقدين, وخلق بيئة أكثر قابلية للتوقع وآمنة من أجل
تحقيق نمو مستدام في التجارة بين الطرفين المتعاقدين, وتعزيز و تطوير هذه
الاتفاقية التفضيلية تدريجياً والارتقاء بها لتصل إلى اتفاقية تجارة حرة
يمكن النظر فيها مستقبلا, وتوسيع التبادل التجاري من خلال استكشاف مجالات
جديدة للتعاون, وتسهيل التنوع في السلع المتبادلة بين الطرفين المتعاقدين,
وتشجيع منافسة أكبر بين شركات الطرفين, والمساهمة من خلال إزالة حواجز
التجارة بالتنمية المتجانسة وتوسيع التبادل التجاري الثنائي و العالمي.
ووفقاً للدراسة تعد السلعة وطنية وتطبق عليها أحكام هذه الاتفاقية إذا كانت نسبة القيمة المضافة المحلية 50%، حيث سيتم:
1- تحرير التجارة وإزالة الرسوم الجمركية تدريجياً وإزالة الضرائب والنفقات ذات الأثر المماثل للرسوم الجمركية.
2- يتم تخفيض الرسوم الجمركية بمقدار 20% سنوياً حتى نسبة 4% وذلك خلال مدة خمس سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ.
3- أي إعادة لهيكلة التعرفة الجمركية لن تتسبب في عرقلة التخفيض، ولن تؤدي إلى رسوم ذات آثر مماثل.
4- في حال تمّ منح أي ميزة تفضيلية أو تخفيض بالرسوم لأي دولة أو اتحاد أو
تكتل إقليمي أفضل مما تنص عليه هذه الاتفاقية، فإن هذه الرسوم المخفضة تحل
محل الرسوم الأساسية المشار إليها في هذه الاتفاقية وفي التاريخ نفسه, الذي
يطبق فيه هذا التخفيض، ولن يطبق أي ضرائب أو أعباء ذات أثر مماثل للرسوم
الجمركية, ولا تعد ضريبة القيمة المضافة أو ما يعادلها من الضرائب ذات
الأثر المماثل, كما لن يطبق أية رسوم جمركية جديدة أو أية ضرائب وأعباء
أخرى ذات أثر مماثل على التجارة بين البلدين, وتلغى كافة القيود الكمية
وإجراءات الحظر على المستوردات.
وتؤكد الدراسة أن الاتفاقية تنص على أنّه لن يطبق أي قيد كمي جديد، ولن
يطبق أي حظر على المستوردات. كما يمكن فرض حظر أو قيود على المستوردات
لأسباب مبررة كمخالفة الأخلاق العامة والقيم الدينية والسياسية والأمنية
ومن اجل حماية الثروات الوطنية والموارد الطبيعية وخلق بيئة أكثر قابلية
للتوقع وآمنة.
المعاملة التفضيليةوبحسب إياد محمد- أمين سر مجلس الأعمال السوري- الإيراني فإنّ المعاملة غير
التمييزية للسلع بين البلدين تنص على أن: يمنح الطرفان المتعاقدان لبعضهما
بعضاً وبصورة غير مشروطة معاملة لا تقل تفضيلا عن تلك الممنوحة لأي بلد
ثالث وذلك بالنسبة لجميع القواعد والأنظمة والإجراءات والشكليات المطبقة
على التجارة بما فيها إجراءات التقييم الجمركية وكذلك طرق تحويل المدفوعات
الدولية للمستوردات.
ويقول: وباستثناء وجود اتفاق ثنائي محدد بين الطرفين المتعاقدين، فإنهما لا
يحق لهما الاستفادة من حصص معدلات التعرفة أو التنازلات الجمركية الممنوحة
من قبل كل من الطرفين المتعاقدين إلى بلد آخر في إطار اتفاقية تجارة حرة،
أو اتفاقية تجارة تفضيلية أو اتفاقية تجارة إقليمية أو اتفاقية تجارة
حدودية.
ويقول محمد: في حال تمّ استيراد أي منتج إلى أراضي أحد الطرفين بطريقة أو
بكميات قد تسبب ضرراً خطيراً فإنه يمكن للطرف المتضرر وبعد مشاورات مسبقة
مع الطرف الآخر تعليق المعاملة الممنوحة لهذا المنتج بشكل مؤقت.
كما أن الاتفاقية نصت, بحسب أمين سر مجلس الأعمال السوري- الإيراني, على
أنّه في حال حدوث إغراق يمكن للطرف المتضرر فرض ضريبة لمكافحة الإغراق
(لمدة لا تتجاوز أربع سنوات). و(الإغراق يعني طرح منتج بقيمة تقل عن قيمته
الطبيعية، أو تقل عن قيمة إنتاجه في بلد المنشأ، أو تقل عن سعر تصديره لبلد
ثالث).
وينبه محمد إلى أن نجاح الاتفاقية مرتبط بما نصت عليه من أن تشكل لجنة
تجارية مشتركة من المسؤولين في كلا الطرفين المتعاقدين وتجتمع اللجنة بداية
خلال ستة أشهر من دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ وبعدها تجتمع مرة على
الأقل في السنة لمراجعة التقدم الحاصل في تنفيذ هذا الاتفاق, حيث تكفل
اللجنة فرصاً متساوية للمشاورات حيال ما يتقدم به أي طرف متعاقد فيما يتعلق
بأي أمر يؤثر على تنفيذ الاتفاق, وأن يمنح كل من الطرفين المتعاقدين
معاملة ودية لمثل هذه الشكاوى مماثلة لما يقدمه الطرف المتعاقد الآخر فيما
يتعلق بأية مسألة تؤثر على تطبيق هذا الاتفاق.