أوقع الثنائي التركي (أردوغان - أوغلو) الإدارة التركية في فخ اللعبة الدولية عبر النفق السوري، حيث بالغ الأتراك في تسخير أنفسهم كأداة ساذجة لتنفيذ المخطط الأميركي بإسقاط النظام في سورية،
لإزالة العقبة المفصلية في محور الممانعة والمقاومة، ويشكل الغرور والطموحات التركية الجديدة وقود الاندفاع التركي لوراثة القيادة السياسية لـ"الإسلام السُّني" بديلاً عن مصر والسعودية، عبر شراكة عرجاء وغير متوازنة ومرحلية مع قطر (قارورة الغاز السياسية).
وقد برهن الأتراك عن تبعيتهم العمياء كخدم لحلف الناتو، وكخنجر في ظهر العالم الإسلامي والعربي، بل والنفاق السياسي في مسألة الحريات والديمقراطية والتعامل مع مواطنيهم، والتي يطالبون النظام في سورية باتباعها، وفي نفس الوقت يخالفونها ويعملون بنقيضها، وهذه الوقائع الحالية ما يلي:
- يقصف الطيران التركي المدنيين الأكراد في تركيا وخارج الحدود في العراق، ويتهمون النظام في سورية بقمع المسلحين (يبلغ عدد الأكراد في تركيا 15 مليون، أي ما يساوي 20% من سكان تركيا).
- عدم الاعتراف بمراكز العبادة التابعة للعلويين، وعدم الاعتراف بهويتهم الثقافية، ويطالبون سورية باحترام حرية الرأي!
- يتعاطون مع القضايا والانتفاضات الإقليمية على قاعدة التعصب المذهبي، خصوصاً في سورية والثورة الشعبية في البحرين.
- يسهّلون انطلاق العصابات المسلحة والإرهابيين والسلاح، من القاعدة وغيرها، باتجاه سورية والعراق، لزيادة العمليات الانتحارية ضد المدنيين، ويؤمّنون الملاذ الآمن للمعارضة السورية المسلحة، وما إلى ذلك من تدخل في شؤون سورية.
- يهددون باختراق الأراضي السورية في حال مهاجمة الأكراد لهم، لحماية أمنهم القومي، في الوقت الذي يحمون ويستضيفون الجماعات المسلحة وطرق الإمداد لها باتجاه سورية.. أفلا يحق لسورية عندئذ أن تهاجم الأراضي التركية وفق نفس المبدأ؟
- يشجع الأتراك الحرب الأهلية في سورية، والتي سيكون وقودها السُّنة والعلويون والأكراد والمسيحيون، ألا يعرفون أن هذه الحرب ستمتد إلى الساحة التركية وشعبها المكوّن من أكراد وسُنة وعلويين، وبنسب متكافئة خلاف سورية، فالأكراد حوالي 15 مليون، والعلويون مع الشيعة حوالي 14 مليون، أي ما يقارب 30 مليون من أصل 65 مليون تركي، أليس ذلك تفجيراً للمجتمع التركي، وتفجيراً لبلد إسلامي أساسي بعد تفجير سورية ومركزها المقاوم والذي لا تستفيد منه سوى "إسرائيل" وأميركا؟!
- يساهم الأتراك في إشعال الفتنة في سورية باتجاه الحرب الأهلية، ثم التقسيم.. وسؤالنا لهم: إذا قُسّمت سورية، ألن تتقسّم تركيا بين أكراد وعلويين وسُنة؟
مشكلة "حزب العدالة والتنمية" التركي أنه مصنوع وفق الطريقة الأميركية، التي تُبقي الإسلام كقناع وتمحوه كجوهر، وفق عملية تهجين وتحريف فكري وسلوكي، ليصبح صاعقاً يفجر الإسلام من الداخل كطابور خاص بديلاً عن الغزو المباشر والحرب الأميركية عليه.
ماذا سيفعل الأتراك مع مسعود البرازاني الذي يدير لعبة ذكية مع الثنائي أردوغان - أوغلو، فمن جهة يعلن دعمه لخطة تركية في ما يتعلق بسورية، لضمان التأييد له في العراق، ومن جهة أخرى يعمل على مكتسبات ميدانية في المناطق الكردية في سورية، لضمان منفذ مائي لكردستان على البحر المتوسط من النافذة الكردية - السورية، ويمارس عملية خداع سياسي كبرى ضد الأتراك الذين سيستيقظون على انفصال الأكراد عنهم في لحظة العنف الكبرى التي ستتولد من سورية، إذا لم يتراجع الأتراك والأميركيون ودول الخليج عن مخططهم الشيطاني لتحطيم سورية، وسيتحالف حزب العمال الكردستاني مع سورية ضد الأتراك، وهو الذي حضنته سورية لعقود، وهو يرد الجميل لها في اللحظات المفصلية، وسيذوق الأكراد الكأس المرة التي يذيقونها للسوريين، عبر احتضان المسلحين والقاعدة وقطاع الطرق الذين يخطفون الزوار.
لقد راهن الأتراك على دور في سورية يرتكز على العمالة للغرب، لإعطائهم وكالة حكم العالم الإسلامي لصالح أميركا، كخطوة أولى، ثم السيطرة على العراق من الباب المذهبي والكردي، لإطباق الكماشة على إيران في مرحلة لاحقة بدلاً من "إسرائيل" وأميركا، فأميركا تطبق الآن استراتيجية "الحرب البديلة" أو "الحرب بالأجرة"، فتكلف "جحافل" الأفغان الأميركيين من السلفيين التكفيريين بإضرام النار في الساحات الإسلامية وإنهاكها، لتصل أميركا وتضع يدها دون عناء أو خسائر، لكن الدور سيصل إلى الأتراك أنفسهم، خصوصاً أردوغان - أوغلو، اللذين سينقلب عليهما الجيش التركي بعد أن يكملا مهمتهما في تحطيم سورية والعراق، وبعناوين إسلامية لا يستطيع الجيش التركي "العلماني" القيام بها؛ تماماً كما فعل الأميركيون مع صدام حسين، الذي حرضوه على إيران وغزو الكويت، وعندما أنجز مهمته وفتح أبواب العراق للغزو والاحتلال والنهب، أعدموه بعدما أهانوه في حفرة تحت الأرض، وكذلك القذافي الذي قتلوه وأهانوه بعدما أعطاهم التعويضات المالية عن لوكربي، وبعدما فكك مفاعله النووية.
غرور تركيا وطموحها الأعمى سيضعانها في مهب الريح وعين العاصفة، وليتذكر الأتراك أنهم ليسوا سوى خدم للغرب، وغير مرغوب بهم كأصدقاء أو حلفاء الند للند، والدليل أن أبواب الاتحاد الأوروبي لم تُفتح لهم منذ أكثر من خمسين عاماً، ومع ذلك يؤدون دور الخدم والعبيد للمشروع الأميركي، ويهددون العرب باللغة التركية وبالألفاظ الإسلامية، ومع ذلك سيهزمون.. وسيرحلون كما رحلوا في المرة الماضية مع المستعمرين الفرنسيين والإنكليز.
لكن السؤال الأهم: هل سيغرق الأتراك نيابة عن الأميركيين والغرب في الرمال السورية ومتفرعاتها الإثنية والمذهبية مع الأكراد والعلويين، وصولاً إلى الصدام الإقليمي مع إيران والعراق وروسيا؟