1)
نحن نبغى المزيد من أحلى الكائنات ،
كي لا تموت وردة الجمال أبداً ،
فمثلما يذوى من اكتملت حياته بانقضاء السنوات ،
لا بد لِخَلَفِهِ الرقيق أن يحمل ذكراه ؛

أمّا وأنت مشدود إلى ذات عينيك الوضاءتين ،
تُغَذّى شعلة ضوئهما بوقودٍ من صميم نفسك ،
متناقصاً من الوفرة الكامنة ،
صرت عَدُواً لنفسك ، شديد القسوة على ذاتك العذبة.

ولأنك الآن زينة الوجود النَضِرَة
و البشير الرئيسى للربيع المزدان ،
تدفن ما تنطوي عليه في برعمك الخاص
فتتلفه ، أيها البخيل الحنون ، ياختزانك إياه.

فلتأسف لهذا العالم ، أو حيثما يكون هذا الفاتك ،
الذى يلتهم حق الدنيا فيما بين حياتك و مماتك.
***
(2)
عندما يحاصر طلعتك أربعون شتاء
فتحفر الغضون العميقة في حقل جمالك
فإن هيئة شبابك المفحم بالحيوية ، والتي نمعن الآن فيها النظر
ستغدو كالعباء الرثة التي تُقَدّر بثمن زهيد:

فإذا ما سُئِلْت عن مكمن حسنك بأكمله ،
وعن كل كنوز أيامك الشَبِقة ،
فلتجب من خلال عينيك الغريقتين في الأعماق
عن الخزي الذي لم يدع شيئًا ، والاطراء الذي لا يُجدي
`
أي حد من الثناء تستحقه ثمرة جمالك
لو أنك استطعت الجواب قائلاً " هذا الطفل البديع الذى ينتمى إليّ"
سيجمع حظي ويكون العزاء والتبرير في كهولتي،
ويكون جماله البرهان على انتسابه إليك.

هذا هو ما يجددك مرة أخرى حين يتقدم بك العمر
فتسترد شعورك بحرارة دمك بعدما أحسست به بارداً.
***
(3)
أنظر في مرآتك ، وقل للوجه الذي تراه
لقد حان الوقت ليتخذ هذا الوجه هيئة أخرى ،
فإذا لك تسترجع نضارته ولم تجدده الآن ،
تصبح سالبًا للحياة ، بلا رحمة للأمومة.
هل تبقى المرأة الرائعة الجمال جديبة الرحم
دون أن تزدري أرض رجولتك التي تفلُحها ؟
وهل يبلغ الرجل حدًا من الحماقة أكثر من أن يصبح قبراً لأنانيته
ومانعاً لمجئ الأجيال القادمة ؟

أنت مرآة أمك ، ترى نفسها فيك
وتسترجع الربيع الحبيب لذروة جمالها ؛
كذلك تستطيع أنت خلال نوافذ عمرك أن تتري ،
رغم التجاعيد ، هذا الزمن الذهبي في حياتك.
فّإذا ما عشتَ نسياً منسياً بلا ذكرى ،
فسوف تموت وحيداً ، وتموت معك صورتك.
***
(4)
أيها الجمال الذي خَبَتْ فتنته ، علام كنت مسرفاً
حين أنفقتَ على نفسك ميراث حسنك؟
الطبيعة لا تُورِّث أحداً شيئاً لكنها تُزَوِّدُ وتضفي ،
ولكونها كريمة معطاء فهي تضفي زادها على أولئك الكرماء

أيها الجمال البخيل ، علام هذه الإساءة
في استخدام الهبات السخية التي وُهبت لك لتمحنها بدورك؟
أيها المرابى الذي لا يكسب شيئًا ، علام هذا الاستثمار
بهذا القدر الكبير من مقاديرك الكثيرة دون أن تحقق الحياة لنفسك

هذه التجارة التى تمارسها مع نفسك فقط ،
سوف تقودك إلى أن تغش بيدك روحك العذبة:
فكيف تكون حالك عندما تدعوك الحياة إلى الرحيل عنها ،
وأيّ كلمة أخيرة مقبولة يمكن أن تتركها من بعدك؟

الجمال الذي لم يُستثمر لا بد أن يثوى معك في قبرك ،
والذي لو استخدمته لأثمر لك وريثًاً في هذه الدنيا.
***
(5)
تلك الساعات التي تصبح بالعمل السامي إطاراً للنظرة الحبيبة
حيث تجد كل عين مكانه الذي تسكن إليه
تعلب دوراً طاغياً في نفس الظروف
وتكون الشيء الظالم الذي يبز الشيء الجميل ؛

فالزمن الذي لا يهدأ هو الذى يقود الصيف
ويؤدى به إلى الشتاء البغيض حيث يلقي هلاكه الأخير ،
النسغ أماته الصقيع وتبددت أوراق الشجر التي كانت مفعمة بالحيوية ،
لقد غطى الجليد الجمال تمامًا ، فحيثما التفت رأيت الأشياء عارية جديبة.

لو أننا لم نحتفظ بزهور الصيف المقطرة
كالسائل السجين حبيسة خلف جدران زجاجية ،
لضاع منا الجمال شكلاً وأثراً ،
ولم يبق منه ولا من ذكراه شيء يدل عليه:

لكن الزهور المقطرة رغم أنها تشبه الشتاء ،
لا تفقد سوى شكلها ، ويبقى جوهرها حياً عذباً

و هذه بعض مقطتفاات شكسبيير
اتمنى انها اعجبتكم

تسلم يدك لودي على المقتطفات الرائعة