يراد بالذكر والتسبيح هو استعمال اللسان والقلب بذكر الرب من أجل طهارة
اللسان وجلاء القلب ليشرق نور الرحمن على بواطن الإنسان فيهزم الشيطان
وتتبدد ظلمة النسيان لتحصل المحبة والقرب .
ويزول الهم والكرب ويحصل
الاتصال بلا كيف ولا أين بالله ذو الجلال والجمال وبذلك يكون التمكين من
رحمة الله رب العالمين فينحسر الشقاء والحزن ويزول الضعف والعجز والوهن شكر
ووفاء من رب الأرض والسماء : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ
لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } ( البقرة 152 ) ،
وللذكر عدة معاني منها أنه
اسم من أسماء القرآن الكريم : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( الحجر 9 ) ، ومنها الصلاة : { . . .
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } ( طه 14 ) ،
ومنها العلم : { . . .
فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ( النحل 43 )
، ولو تدبر الإنسان قول الحق جل وعلا : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ . . .
} ( البقرة 152 ) ، لا بد أن يتوصل إلى أن الحق سبحانه أراد بذكر الإنسان
له وفاء من الإنسان وشكر على النعمة
لأن ذكر الحق عز وجل للإنسان كان
من الأزل لأن القرآن كلام الله الأزلي أما وجود الخلق فهو محدث والدليل
الآخر هو أن الحق جل وعلا بين لنا أن له شأن في خلق الإنسان والوجود : (
ولله في خلقه شؤون ) ؟؟ وبما أن الإنسان أصابه النسيان منذ الإنسان الأول
الذي ظهر على الأرض وهو آدم عليه السلام
: { . . . فَنَسِيَ وَلَمْ
نَجِدْ لَهُ عَزْماً } ( طه 115 ) ، ورحمة من الله سبحانه بالإنسان اختار
الحق عز وجل واختص واصطفى الأنبياء والرسل على نبينا وعليهم الصلاة والسلام
ليذكروا الإنسان بما نسيه من عالمه الأول ( عالم الأمر ) وما يحتاجه من
علوم في عالم الأرض
الذي هو عالم الشهادة الذي جعل الإنسان ينازع
ويجادل الحق فيه : { . . . وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } (
الكهف 54 ) ، وهذا بسابق علم الله سبحانه لذلك أراد الحق سبحانه أن لا
يستمر الإنسان في نسيانه وغفلته والتي أوجدها الشيطان فيه بعد أن زين
للإنسان أعماله : { . . . زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ . . .
} ( الأنفال 48 ) ،
لذلك فرض عليه الذكر ليتنور قلبه وتنحسر الظلمة
والغفلة ويحل محلها نور اليقظة والعلم والمعرفة لأن الذكر وسيلة اتصال
العبد بربه فعندما يذكر العبد ربه بالشدة والبلاء يذكره سبحانه بالفرج
فالذكر بحال العسر يورث اليسر والذكر بحال المرض يورث الشفاء والذكر بحال
الفقر يورث الغنى . . . الخ .
وهذا حق العبد على مولاه لذلك أعطى الحق
سبحانه النتيجة مسبقاً : { . . . وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } (
البقرة 152 ) ، أي أن يذكر الإنسان ربه بحسن العبادة وحسن الذكر وحسن الشكر
وأن يشكر الحق على نعمائه التي لا تعد ولا تحصى وهو بعدم الإتيان بها فيما
يغضب الحق ويسخطه
اللهم اعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبـآدتك