وسط الميدان .. وقف ينادي "سبيل لله ..ميه ساقعه ..إشرب يا عطشان .. سبيل لله "

في ذلك الوقت كنت أسير بلا هدف .. اتفحص وجوه الماره ... اتعجب لنظرات الحزن التي

تسكن في عيونهم ... وملامح الخوف التي تعلو وجوههم .. الخوف من المستقبل

والاعتراض علي الواقع بمشاكله .. أعتراض يمنعهم الخوف من التعبير عنه

وفجأه .... أخترق صوته أذني ... جذبني... جذب نظري و شغل فكري .. التفت نحوه

.. نظرت إلي وجهه .. وجدته مختلفا عن كل الوجوه من حوله .. وجها طيبا .. لكنه قاسي

... راضي لكنه معترض .. لا مكان لحزن او خوف .. ظللت أنظر اليه .. أتأمله .. هذا الرجل

الغريب .. الذي وقف وسط الميدان ينادي علي الماء بصوت عالي ..كم يتعب .. لكنه بالتأكيد

يكسب من بيع المياه البارده التي تطفأ ظمأ العطشان في هذا الحر الشديد

" ااااه من هذا الزمن حتي الماء يباع " وقفت أراقبه .. رجل عجوز بنظاره كبيره وإنحناءه

ظهر تعلن عن كبر سنه وتجاعيد رسمتها اوجاع السنين علي وجهه تؤكد معاناته ..

إقترب من الماء .. حاول ان يمد يده المرتعشه ليرفع كوب الماء البارد .. سارع الشاب

صاحب السبيل يمده بالماء وهو يبتسم ويردد - تفضل يابا

رحل العجوز سعيدا .... وتكرر المشهد مع رجل وسيده وطفل وشاب و....

ولم يدفع أحد .. إذن هو لا يبيع الماء ولا يحصل علي ثمن لتعبه وعادت تنهيدتي

"ااااه لهذا الرجل لقد علم سر الحياه .. الرضا بالحال والسعي للرزق الحلال .. ورزق

أعلي وأفضل وأسمو من الله سبحانه وتعالي" .. تعجبت لهذا الرجل .. لكني حمدت الله

أن الحياه مازالت بها ناس كهذا الشخص الجميل ... هممت بالرحيل وفجأه تغيرت الأحوال

.. وتحول الميدان لشعله حركه من الباعه المتجولين .. الكل يجري هنا وهناك خاطفا

بضاعته خوفا من (البلديه )... إلا هو .. فهو ليس بائعا وبضاعته ليست بضاعه إنما هي

سبيل لله .. اتجه الشرطي نحوه يمسك بقميصه يصرخ فيه ....

في هذه اللحظه شعرت بالثوره ... تحركت بغيظ نحو الشرطي مدافعا عن هذا الرجل

العظيم ... مناقشات وأحاديث وحوارات حتي تفهم الشرطي وعلي غير العاده ...

إعتذر الشرطي .. ومد يده يشرب كوبا من الماء البارد وهو يبتسم ...

رحلت انا .. لكنه لم يرحل من مكانه أبدا ... ولم تتذبذب صورته في ذاكرتي

وظل صوته يتردد في إذني وملامحه تحفظها عيني " ولن تنساها "

أعجبتنى جدا
احببت ان انقلها لكمــ،،
دمتم بود
[/size]

حلوة وفيها عبرة
ونحنا اعجبتنا كتير

مشكور ميرنا